ثـــــقـــافـــة الحـــمـــامـــات العامـــــــــة !!

اليوم وكغير العادة اتطرق الى موضوع مغاير تماما من تلك التي أعتدنا الحديث عنها ومناقشتها عبر المساحات الحرة والمنتديات السياسية والثقافية والإجتماعية ، بعيدا عن الاجواء المشحونة بالسياسة والمغالطات ، وبعيدا عن نفاق أؤلئك السياسيين ، وخارج الجواء الأكاديمية والمعلومات الطبية التي لا تكاد تخلو من الرتابة وتجلب المرض ، أسمحوا لي في هذه المرة ان نطوف سويا في الشارع السوداني العام ! والذي في نظري لا يخرج من تلك الاطر التي ذكرتها أنفا ، فالشارع السوداني ملئ بالطرائف والعجائب ، فالشعب السوداني إشتهر بالكرم والشهامة وأيضا ( القطامة ) بغض النظر عن الخوض في القبائل والانساب والتي في تقديري الخاص الخوض فيها يولد الضغائن ويسارع بتفكيك النسيج الإجتماعي لوطننا الحبيب

الشعب السوداني شعب طيب ويتعاطى السياسة بجرعات توصف بالادمان ، فتجد صاحب اللبن يناقش مع ذبونه الوضع السياسي الراهن وكيف أن الإقتصاد السوداني إنهار في الفترات الأخيرة ، وكذلك ( حبوباتنا ) في البيت في جلسة الجبنة يعقدن حلقة نقاش ودراسة مقارنة بين مؤسسات الحكم في الزمن الحالي وأيام الاستعمار ، فيمجدن تلك الفترة في تعبير لا يخلو من البراءة والفطنة ! ( يا حليل زمن الانجليز !! ) .

وكذلك الشارع العام الذي خرجنا منه لنواجه صراع هذه الحياة العامة ، فقدم لنا الشارع السوداني العديد من الدروس والعبر التي لا زلت اذكرها حتى الان ، نتجول الان في وسط الشارع وداخل الاسواق التي تمتلئ وتكتظ بزحمة المواطنين جريا وراء المعيشة . داخل الاسواق وكما نعلم جميعا موضوع هام جدا تحدث عنه الزميل والاستاذ العظيم الفاتح جبرة

إنه موضوع الحمامات العامة وأهميتها بالنسبة للمواطن السوداني ، حيث ذكر بانها من أولويات الحكومة ، حتى انه قال لن يعطي صوته لاي حزب مرشح في الانتخابات القادمة ما لم يشتمل برنامجه على بند اساسي هو ( بند الحمامات العامة )

أثار في دواخلي هذا الموضوع اشياء كثيرة فاردت ان اناقشها مع الاصدقاء الاعزاء متصفحي هذا المنتدى .

( ثقافة الحمامات العامه ! ) تشمل العديد من الادب الخاص الذي يعشقه نفر كرام من هذا المجتمع ، من منا لم يدخل في حياته حماما عاما ؟ تنتشر هذه الحمامات ابتداءا من الروضة ومرورا بجميع المراحل الدراسية وانتهاءا بالحياة العمليه في الاسواق أم في المؤسسات العامة . وكل نوع من هذه الحمامات يحتوي على ثقافة وادبيات محددة تختلف من مرحلة الى أخرى ، حيث نجد الذين يهوون فن الرسم الاشبه بالكاريكاتير ومنهم من يجيد كتابة الشعر ، ومجموعة أخري يطلقون الشعارات التي تندد بشخصية معينة ، ومجموعة تختلف تماما فتكون إهتماماتها جنسية فقط منهم من يبحث عن زوجة او ..... ! ! .

المهم ! هنا نتساءل ! لماذا هذا الكبت الذي يعاني منه مثقفوا هذه الحمامات ؟ هل من قلة المنابر التي لم تتح لهم الفرصة كاملة لنشر هذه الثقافة ؟ أم عدم وجود الحرية المطلقة التي تجعلهم يكتبون ويقولون ما شاءوا ؟ .

وإذا نظرنا الى الادبيات المكتوبة على جدران هذه الحمامات يمكن ان نقسمها الى قسمين :

1/ أدبيات سياسية تنددت بحكومات معينه وشخصيات لا تخرج من كونها شخصيات سياسية .

2/ أدبيات جنسية تعبر عن حالة من الكبت الذي يعاني منه صاحبها ، وتدعوا الى فك هذا الكبت باي صورة متاحة مع عدم مراعات الشذوذ من غيره فالمهم في الامر التخلص من هذا الكبت .

لا تخرج كل الادبيات الموجودة في الثقافة ( الحمامية ) من هذين الإطارين ، أما عن المراحل التي يمر بها أدب الحمامات العامه ، كما ذكرنا سابقا يقسم حسب المراحل الحياتية باستثناء مرحلة الروضة ، ففي ادب حمامات مرحلة الاساس والثانوي يكون كالاتي :

· التنديد باستاذ معين يمثل الشخصيه المهمة والمتسلطة في المدرسة

· احتقار شخصية معينه من الطلاب يمثل الشخصية العنفوانية داخل المدرسة

· مع بداية سن المراهقة يكون هنالك بدايات الثقلفة الجنسية ودعوة صريحة لها .

· القليل من الادبيات السياسية في هذه المرحلة .

أما في المرحلة الجامعية تكون تقريبا معظم الثقافة الموجدة علي جدران الحمامات العامة أدبيات سياسية في المقام الاول وتشمل كل الحديث الذي تطرقنا له سابقا .

خلاصة القول : ثقافة الحمامات العامة ثقافة توضح جليا مدى حالة الكبت والقهر والحرمان الذي يعيشه صاحبها فيلجأ الى هذا الوسيلة باعتبارها الحل الوحيد الذي يمكن ان يخرج به من الازمة النفسية التي نتجت من الكبت ، فبالضروري مراعات الحالة النفسية للمثقف نفسه لفهم الادب المكتوب ، وعلى الدوله ان تقتحم تلك الحمامات لتعرف مدى الحب الذي يكنه لها هذا الشعب العظيم جراء الخدمات التي قدمتها له ....!!